(وقت القراءة: 1 دقيقة)

حسنًا، ها قد انفرطت خرزات المسبحة؛ من الدينمارك إلى النرويج وفرنسا (حتى وقت كتابة المقالة) والقائمة مرشحة أن تطول. وإذا لم نحسن فهم الوضع والتعامل معه سنخسر فرصة ذهبية لا تُتاح لنا بسهولة.

بداية، لا أقدر إلا أن أشعر بالنشوة وأنا أرى -وللمرة الأولى في تاريخنا الحديث- أرى جهودا شعبية في مجال المقاطعة تؤتي أكلها بشكل أو بآخر. لكني أكون كاذبة إذا قلت أننا "انتصرنا." فمقاطعة من أساء إلى نبينا وإلينا ليست بغرض دك اقتصادهم وليست بغرض التشفي بهم، الغرض الحقيقي هو إيصال رسالة إعلامية لهم: "إننا غاضبون مما فعلتم؛ لقد كان أمرا خاطئا." فالمقاطعة ستردعم عن الإساءة لنا مجددا وربما سيعتذرون إتقاء لردة فعلنا لكنها لن تحببهم في محمد صلى الله عليه وسلم أو تعمق فهمهم واحترامهم له وللرسالة التي جاء بها. وما أبون الفرق بين الأمرين.

إذا اعتقدنا أنا قيامنا بـ"لي ذراعهم" وحملهم على الاعتذار كاف، فإننا حتما واهمون. همنا أكبر وأعمق، فصحيح أن هناك من أساء للرسول صلى الله عليه وسلم خبثا وكرها، لكن تيّقنوا أن الأغلبية ترزح في ظلمات الجهل بهذا الإنسان والقائد الرائع. معظمهم لا يعرف من الإسلام إلا نسخة مقرصنة غير شرعية اسمها "أسامة بن لادن"، فهل نلومهم إذا أظهروا هذه الإساءة بحق من يعتقدون أنه نبي ابن لادن؟

احذروا، فليس هدفنا سحق "أولئك الكفرة الفجرة" كما يقول البعض، هدفنا الأبعد هو تنويرهم وتعرفهم بخطأهم. فلنعقد الندوات ولنعرض البرامج الوثائقية التي تعرف بمحمد صلى الله عليه وسلم، ولنعمل على تعميق الفهم عبر الكتابات العقلانية الموضوعية والراشدة. أحد المصادر التي أنصح بها، فلم وثائقي اسمه Muhammad: Legacy of a Prophet وهو من الوثائقيات النادرة التي تتكلم بعدالة عن الرسول صلى الله عليه وسلم وبإطار عالي الحرفية في نفس الوقت. أما أن نعتقد بسذاجة أنهم سيقومون البحث بأنفسهم والوصول لحقيقة هذا الدين فمحض خرافة، فالضخ الإعلامي السلبي بعد الحادي عشر من سبتمبر أقوى بكثير، والمصادر الموضوعية والراشدة أضعف بكثير من أن تفرض نفسها على قائمة اطلاعهم.

رب ضارة نافعة، فما حدث بحد ذاته فرصة ذهبية. فالإساءة جاءت بحق شخص نقي، جاءت بحق خير البرية صلى الله عليه وسلم مما سيسهل علينا كثيرا مهمة تقديم الإسلام لهم. فلو كانت الكاريكاتيرات بحق أخطائنا نحن فلا أعتقد أننا كنا سنجرؤ أن نفتح أفواهنا، لكن الإساءة جاءت بحق من لا يقدرون أن يجدوا فيه عيبا وهو المعصوم صلى الله عليه وسلم. فهل نجد أسهل من هذه فرصة لتقديم الإسلام بصورته الصحيحة لهم؟

رجاء، لا تضيعوا هذه الفرصة، ولنفكر بعقلانية كيف يمكن لكل منا أن يقدم شيئا، ولتتجه الميزانيات التي تغدق على التافه من "السلع الترفيهية" لتقديم شئ يسد رمق من لم تصلهم الرسالة. لإنها إن لم تصلهم فسنجد أنفسنا مسؤولين يوم القيامة عن كل هذه الجموع من البشر التي لم تهتد للحق فقط لأننا كنا أكسل من أن نعمل، ولأننا غلبنا العاطفة على العقل.

عندما كانت قدماه الشريفتان تسيلان دما صلى الله عليه وسلم، رفض عرض ملك الجبال أن يدك من أساء إليه ويطبق عليهم الأخشبين آملا أن يخرج من نسلهم من يهتدي.
لن ينفعنا إطباق الأخشبين على أوربا في تحقيق غايتنا الأبعد مدى، فدعونا نعمل كي يأتي من نسلهم من يعبد الله، وليكون لنا أجر الدلالة على الطريق. فرصة ذهبية وصفقة رابحة، أليس كذلك؟