(وقت القراءة: 1 دقيقة)
" على النساء ان ينتظرن الاجماع الشرعي، و الاهم من ذلك عليهن ان يفهمن ان الحالة الاجتماعية لا تسمح بمشاركتهن السياسية. المجتمع غير مهيأ ابدا" - احد انصاف الحلوليين لم يشأ ذكر اسمه

عافاك! و بنفس المنطق على الجوعي و المشردين ان ينكتموا في غيظهم و ينتظروا انفراج الحالة الاقتصادية رغم ان الجميع يعلم انها لا تنفرج الا اذا عملنا على ذلك. ما نعلمه ان الجدل حول حقوق المرأة السياسية يكاد يكون تضييعا للوقت و ازاحة للعقل عن قضايا تتضور لمن يلتفت اليها – الا اذا نظرنا اليه من زاوية التفكير بصوت مرتفع و تلاقح الافكار – اضف الى ذلك انه ينطوى على كثير من اللعب بكلام الله تعالى و لي عنق النص و تجييره لصالح اللاشعور الجمعي.( و الشق الشرعي تناولته في مقال سابق بعنوان: بل النائبة في منعهن)

تبقى اذا حجة الوضع الاجتماعي. و سانقاشها رغم ان المتحججين بها لم يكلفوا نفسهم يوما عناء تعريفها، و عند محاججتهم يسلكون اسهل مسلك و هو "قصقصة " النص الديني ليلائم الواقع الاجتماعي!

الثابت في الامر ان حرمان المرأة من حقوقها السياسية عملية "نزع للانسانية" dehumanization. و هذا امر يمارس على مدى التاريخ، فالاغريق كانوا يرون غير اليونانيين"برابرة" و اقل شأنا فليسوا مواطنين و بالتالي لا يحق لهم التصويت. و النمط تكرر مع الافروامريكيين عندما كان صوت الرجل الاسود يعادل ثلث صوت الرجل الابيض في الاقتراع ، اي الرجل الاسود له ثلث انسانية الرجل الابيض.

اذا استخدمنا منطق اخينا في الاعلى على الامريكيين من اصول افريقية لما كانت امريكا الان القوة الهايبرية Hyper power (و هي مرحلة اعلى من الدول العظمى). هكذا كانت ستكون القصة:

تحت حجة ان الوضع الاجتماعي و التاريخي و الثقافي غير ملائم سيرزح الافروامريكيين تحت وطأة التفرقة العنصرية النازعة للانسانية و ينتظرون الفرج. و تستمر المرافق العامة و المدارس و الحافلات مفصولة على اساس العرق.

لو انتظرت حركة الحقوق المدنية المجتمع ليتعطف و يتلطف و يتطور، لقضت جماعة "الكو كلوكس كلان"Ku Klux Klan عليهم و اصبحوا في خبر كان ( سيكون غير منصوبا في هذه الحالة)!
و لو لم يأمر محافظ ولاية اركنسا باحضار الحرس الوطني للولاية لتسمح بدخول الطلاب الافروامريككين الى مدرسة Little Rock وسط افواج المتعصبين الغاضبين. و لم يغتل مارتن لوثر كنح، و لو لم يبذل اولئك البشر جهدا في تغيير الامر الواقع لما تغير. " ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم" هل نسينا هذا القانون الكوني الالهي؟

الاسلام حجة علينا، و نحن و حالتنا الاجتماعية لسنا حجة على الاسلام. و القول بغير ذلك يعني واحد من خيارين او كليهما معاً:

الخيار الأول هو:ان نضع امر الله في كفة و أمر المجتمع في كفة و نرجح كفة المجتمع على كفه الله!
و مع ان صاحب الرأي اعلاه هو اول المنددين بمؤامرة "الحاقدين على الاسلام"، هو اول من يمنح لهم الحجة و الممسك ضده ليصيحوا "مكان الاسلام المسجد لا الدولة"
أما الخيار الثاني فهو ان نعمل بالمثل القائل: " موتي يا عصفورة حتى يأتي الربيع"!