(وقت القراءة: 1 دقيقة)
ظلَمَوهُ فاسْمَوه حاسوباً
و يفعل الكثيرَ غير الحسابْ

غضِبَ شرراً و قال :
اسمُوني عَاقُولاً
او حتى فًاعُولاً
فنعم العقلٌ عقلي
و نِعمَ الفَعْلاءْ

تعريبهم لي عقابٌ
و اذا ابقوني "كمبيوتراً"
نَعِقُوا بالعِتابْ

يقولون عربوني
اسْمَوْني فكَمَمُوني
استوردوني ..
و لو صنعوني
لقبلت منهم الاسماء ! في عالم يقبع فيه كل شيء تقريبا خلف نقطة "Dot" ، ما هي الا ضربات تُسكنها في لوحة المفاتيح حتى يكون عِلم العالَم تحت يديك بكثير و غزير من المعلومات و قليل من السرية ايضا . هذا اذا كنت ممن يملكون "حاسوبا " مؤهلا للالفية الجديدة التي لم يدخلها العرب بعد.
هل قلت "حاسوبا "؟ حسب تجربتي، فانه يفعل اكثر من مجرد الحساب ، فلماذا لا نسميه "فاعولا" طالما انه يفعل العديد من الاشياء ؟ او "عاقولا" كونه وافر العقل كامله ؟

لقد ظلمنا "الكمبيوتر" و اُستكثرنا الابداع عليه ساعة ترجمناه بحرفية قاتلة ، غافلين ان التسمية الاجنبية جاءت وقت كانت "الحواسيب " لا تفعل شيئا سوى الحساب .و ماذا كانت النتيجة ؟ استعملنا كلمة "كمبيوتر" في حديثا اليومي بدلا من حاسوب ، و القائمة حبلى بامثلة اخرى ، فمن منا يقول هاتف او مذياع او ناسوخ ؟

السؤال هل تطعيم اللغة بكلمات من غير جنسها توسيع لها ام اتهام لاهلها بعدم الإبداع و غياب المرونة. ام ان هنالك سرا في الفشل المبرم للتعريبات و ايثار اللفظ الاجنبي في كثير من الاحيان؟

الثابت في الامر ان الأمم لا تسمي ما لا تصنع . فها نحن و منذ قرون نسمى الموز موزا و البندق بندقا، والباذنجان مثلهما - و كلها غير عربية- لسبب بسيط هو اننا لم نفكر آنئذ - و لن نفكر - في تعريب هذه الكلمات لاننا - و استجابة لقوانين اللغة التاريخية - لا نزرعها - أي لا ننتجها - فمن اعطانا الحق بتسميتها . البعض يرى " ان عقدة الخواجة " هي السبب ، و لكن هل كان اسلافنا يعانون منها عندما اسموا الباذنجان باسمه ؟


اذا نظرنا الى التعريبات الحالية سنجد الكثير . فاولا ، كثرتها و عدم الاتفاق عليها قد تكون سببا في كثير من الاحيان للعودة الى الكلمة الاجنبية المتفق عليها، فبين "مشغل " و "سواقة " يميل معظمنا الى استعمال الكلمة الاجنبية drive . كما انها ثانيا لا تخلو من طرافة في كثير من الاحايين، فعملية "تنزيل" البرامج download تسبب مشكلة حين تجمع فتصبح " تنزيلات". ولعل هذا يتفق مع نزعتنا في الاستهلاك .

التعبيرات لمصطلحات الاختراق عالم اخر. ف"الهَكَرَة" تعبير طريف عن المخترقين تم سَبْكُه على وزن "الفعله" ، لكن المشكلة ان الجذر غير عربي بتاتا.و" الشارخ " تعبير جميل عن الـcrack لم يلق حظه من الانتشار ربما لاننا -و لله الحمد في ذلك- لسنا من مصنعي هذه الامور .


قليل من الخيال لا يضر . فماذا لو اصبح العرب هم رواد تقنية المعلومات ؟ سنجد ان نظام " الكوات "- جمع كوّة – هو البديل لنظام ( ويندوز) ، وسيكون من انتاج شركة اللين الصغير ( مايكروسوفت ) لصاحبها بلال غيث ( بيل غيتس) ! و سنجد عناوين الاخبار تقول : "حملة عالمية على "القافميمات " المقرصنة" . و القافميمات هذة هي جمع ل " قافميم " و هي الاحرف الاولى من كلمة قرص مدمج . اليس ذلك افضل من قولنا "سي.دي" . و عندها سندعو البريد الالكتروني "الابريد" و الالف الزائدة هي اختصار لكلمة الكتروني- مع العلم ان كلمة الكتروني غير عربية - و مع العلم ايضا بان هذا الوزن التفعيلي باضافة حرف يختصر كلمة في كلمة اخرى غير موجود في العربية ،و لا ضير في ذلك مادمنا في عالم الخيال، ثم اليس هذا افضل من قولنا "ايميل" .

حتى لا اكون من لاعني الظلام ، ها انا اشعل شمعة و من الآن ، و انتظر "وادي سيليكون" عربي ينتج لناو لو "كمبيوترا" واحدا. هنا يكون لي الحق ان اقترح تسمية " العاقول" لما انتجنا ، فمن يدفع يأمر ، و من يصنع يسمي .

اودية السليكون Silicon Valleys تعبير يطلق على المناطق التي تتركز فيها صناعة العتاد التقني ، و اصل التسمية هو كون مادة السيليكون عنصرا رئيسيا في الانتاج . في بلادنا ما اكثر الرمل لانتاج السيليكون ، لكننا نعوز ما هو اهم من الرمل .. العقل. الحرب القادمة هي حرب ادمغة، ترى هل استعدينا لها ؟