كنت أُحلّق أمس في "دائرة من النور" التمعت على عتبات "فريج بني نايم"، فخرجتُ وخرج الجمهور المتزاحم عازمين على أن نبني "فريج بني يقظان"! أن نبنيه في نفوسنا وفي مراعينا، فكلنا راع ومسؤول عن رعيته.

"فريج بني نايم" مسرحية للمبدعة هيا الشطي، أحيَت في قلبي الأمل بمسرح تنويري، لا يساوم على المهنية ولا يتنازل عن القيمة، ويقدر في الوقت نفسه أن يبث خفة الظل والمرح وأن ينتزع الابتسامة بكل رشاقة من قلوب المشاهدين قبل شفاههم. مسرح يقع ضمن إطار Edutainment أو التثقيف الترفيهي.

التقينا أمس مع "بو طبيلة"؛ شخصية سريالية رمزية، يضرب على طبلته لينشر قوى الظلام والنوم، وتابعه وساعده الأيمن "قِلة" صاحب المحاورات والمناورات الشقية مع "عقل". ومع "عقل" و"قلة" تنطلق أوديسة الصراع بين الخير والشر سواء أكان في نفوسنا أو على ساحة النزال المجتمعي.
التقينا مع "صالح" الذي في ظاهره الغفلة، وفي باطنه خير كثير، يتعاضد مع "بو عليوي" الشغوف بالعلوم في رحلة سريالية للبحث عن المعشوقة، للبحث عن البيضاء"! ولا يخلو الفريج طبعا من صراع بين الحداثة والماضي، بين "بو سليمان" الخائف المترقب من كل جديد، وبين "فهيد" المنطلق في بحر المادة في عصر يحق لنا تسميته بـ "عصر الطَبْعَة"* ولا ننسى "زمهرير ولد عبير"، السياسي المتغوّل.

وتدور حلقة الصراع في الفريج، وتنتصر سنة الله في الكون، ويذهب الزَبَد جفاء، ويتوصل سكان الفريج إلى الفجر وإلى النور؛ يتوصلون إلى "البيضاء"!

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لقد تركتكم على مثل البيضاء ، ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها إلا هالك"

وترتفع في نهاية المسرحية "البيضاء"، ترتفع ويعلو جبينها كلمة "القرآن".
ترتفع الراية البيضاء، لا للاستلام، بل للسلام. اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام.


المبدعة هيا، والوصاليون، والوصاليات، لقد أبهجتم قلبي، وأذكيتم الأمل في روحي بمسرح نفخر به.

دمتم متيقظين.



__________________
* الطَبْعَة باللهجة الكويتية هي غرق السفينة.