- التفاصيل
- كتب بواسطة: حياة الياقوت
- المجموعة: مقالات سياسية
- الزيارات: 160
(نُشرت في جريدة الراي، عدد الاثنين 4 نوفمبر 2024، صفحة 15.)
راهنوا، وخسروا. ثبّطوا، وتفاجؤوا. مَن كان يصدق أن الجماهير العربية طويلة النفس إلى هذا الحد؟ وهي الجماهير المجرَّبة قبلا؛ جماهير غضوب سريعة الاشتعال، وسريعة الانطفاء أيضا.
رأينا الجماهير العربية تقاطع البضائع الدنماركية في أزمة "يولاندز بوستن" عام 2005، وتقطع البضائع الفرنسية في أزمة "شارلي إيبدو" عام 2020. ثم عادت ريمة لقائمة التسوق القديمة، تنتهبها الاستهلاكية وتتحكم بها قوى السوق. لكن ريمة -أو الشعوب العربية- أظهرت هذه المرة سلوكا يستحق الالتفات والدراسة، ليس لأنه ينم عن ثبات وإرادة، بل لأنه ينم عن تغير سلوكي طويل المدى، تغير لا يحدث إلا لأن هناك أشياء تغيرت في البنية النفسية للإنسان العربي. مؤشر مبشر يستحق الالتفات.
المقاطعة قوة ناعمة، وطريقة مسالمة -لكن فعالة- في إيصال الصوت. بصوت المال أوصلنا أصواتنا. تفرقنا مذاهب عديدة في المقاطعة، لكن جمعنا أمران: الاتفاق على المبدأ، وأدب الاختلاف. البعض أخذ منحى شاملا وقاطع كل شيء تقريبا، والبعض قاطع ما استطاع. وفي كلٍّ خير. سادت روح التشجيع لا التشنيع، روح الإِعذار لا الإنكار. وهذا أمر علينا أن نعض عليه بالنواجذ، ففخاخ المتربصين تتنمى لو تدخل علينا من هذا الباب، فيدب الخلاف، وننشغل بالمحاكمة والمحاربة.
ظن البعض أن المقاطعة فقاعة، ظنها صرعة أو "هّبَّة" كما نسميها في لهجتنا. قد تكون المقاطعة بدأت "هبّةً "جارفة من هبّات الجماهير، لكنها كونت شخصيتها المستقلة وصارت هِبة! نعم، تحولت المقاطعة إلى هِبة ومكافأة. اسألوا المقاطعين عن جيوبهم، اسألوهم عن صحتهم. رأينا بأعيننا قوما كانوا مستعبدين للأغذية السريعة، صاروا اليوم دعاة للطعام الصحي. اسألوا أصحاب المشاريع المحلية، كيف حالكم بعد المقاطعة؟ وكم انتعشت تجارتكم؟ وكم موظفا جديدا وظفتم؟ اسألوا الناس عن إرادتهم اليوم، اسألوهم عن كلمة "لا" التي صاروا يستطيعون أن يقولوها بثقة أكبر، ليس لمشروب غازي أو شوكولاتة وحسب، بل لأي شيء يعارض قيمهم.
يؤلمني أنْ كان في ميدان الرمي بعض أبناء جلدتنا من التجار الذين أثرت المقاطعة عليهم سلبا. هم لم ولن يكونوا هدفا. يُقال "رأس المال جبان"، لكني أقول إن قلب التاجر شجاع، قلب يعلم أن التجارة نشاط محفوف بالمغامرة والتغيير، نشاط مغموس بالأدرينالين! قلب التاجر حملته أو ستحمله المقاطعة على إعادة حساباته وتبني نشاطات تجارية أخرى يتألق فيها كما تألق سابقا. هو أيضا عليه أن يرى المقاطعة بعين مستبشرة، أن يراها رسالة له كي ينهض ويخوض مناطق جديدة يستخدم فيها مرونته وذكاءه، ويغامر بقلب التاجر المغوار.
عقود طويلة مرت ونحن نجلد ذواتنا، ونتذمر من عجز الإنسان العربي، وتفاهة الشباب، واستحالة التغيير. نعيد الأسطوانة المحبطة ذاتها ونرسخها وكأنها حقيقة لا تقبل الدحض. اليوم كُسرت الأسطوانة، وتغيرت النبرة. لا نملك بطولة موازية نردف بها بطولة أهل غزة، لكننا نتماهى معهم، ونستلهم منهم الصمود. صمودهم أمام الموت، علمنا أن نصمد في وجه مغرِيات الحياة. نقول لهم شكرا أنْ حملتمونا على تغيير ما بأنفسنا.
في مثل هذا اليوم قبل عام، كتبتُ في "الراي" مقالة بعنوان "قاطِعْ ولو منحوك الذهب". بعد عام، نكتشف أن المقاطعة هي ما منحنا الذهب. المقاطعة اختبرت معادننا، وظهرت النتيجة المشرّفة: ذهبٌ خالص.
نسخة نصية من المقالة من موقع جريدة الراي || نسخة PDF من المقالة
- التفاصيل
- كتب بواسطة: حياة الياقوت
- المجموعة: مقالات سياسية
- الزيارات: 318
(نُشرت في جريدة الراي، عدد الأحد 5 نوفمبر 2023، صفحة 19.)
لو لم أرَ بعينيّ، لما صدقت. ثمة انتفاضة استهلاكية تشهدها الكويت تفاعلا مع حملة مقاطعة الشركات المتعاطفة مع الكيان الصهيوني. ونجد البعض قد توسع في الحملة وبالغ حتى صارت تطال كل ما هو أجنبي حتى ولو لم يتبين دعمه للكيان الصهيوني، وهي خطوة تبين أن سخط الناس قد بلغ مداه.
في المقابل، نسمع أصواتا تثبّط عن المقاطعة بحجج مختلفة أهمها الضرر الواقع على التاجر أو الوكيل المحلي. نعم، نعلم أن التاجر الكويتي هو من يتلقى الضربة الأولى، وهذا ضرر لا نوده لكننا نُضطر إليه. حينما يقاطع المستهلك فهو عمليا يلوي ذراع الوكيل المحلي، ليضغط بدوره على الشركة الأم التي ما حركتها إنسانيتها، لكن قد يحركها احتمال فقدانها لوكيلها المحلي وما يردها من أرباح منه. ما يحدث للتاجر المحلي "أضرار جانبية" إذا جاز التعبير، والتجارة نشاط محفوف بالمخاطرة، هذا ديدنه.
- التفاصيل
- كتب بواسطة: حياة الياقوت
- المجموعة: مقالات سياسية
- الزيارات: 869
(نُشرت في جريدة الراي، عدد الثلاثاء 24 أكتوبر 2023، صفحة 19.)
ما أصعبَ أن يقدر الإنسان على كبح جماح مشاعره في هذه الأيام! أمّا مَن يقابل ما يحدث في غزة بقلب بارد أو فم صامت، فعليه أن يعيد النظر في انتمائه للجنس البشري ما دامت الصورة الكاملة قد وصلت إليه. وهذا أمر لا يتحقق دائما، فثمة فجوة بين الشارع العربي والإسلامي الذي يعرف القصة كاملة، و"الشارع الآخر" إذا جاز التعبير. وأزعم أن وصول الصورة الكاملة إلى "الشارع الآخر" سيُحدث انعطافة فارقة. والسؤال، كيف نُحدث هذه الانعطافة؟
منذ بداية عملية طوفان الأقصى، تتخذ الكويت دورا قياديا واضحا وجَسورا على المستويين الحكومي والشعبي، دورا تثبت فيه الكويت أنها -على مر العقود- داعم أصيل للحق الفلسطيني. لكن، من الواضح أن سقف جموح الشارع أعلى من خطط الحكومة. فقد سمعنا في الأيام الفائتة في ساحة الإرادة في الكويت هُتافات تطالب بفتح الحدود، وأخرى تنادي بقطع النفط، وبسحب الاستثمارات الكويتية من الصناديق العاملة في الدول العظمى، وطرد سفراء تلك الدول. الشارع يغلي، في حين أن الحكومة -تفضل ردات فعل محسوبة العواقب. وبين هاتين الإرادتين، علينا أن نبحث عن منطقة وسطى، منطقةٍ يمكننا فيها إحداث التأثير. فنحن نتفق على الهدف، لكننا نختلف على الآلية.
- التفاصيل
- كتب بواسطة: حياة الياقوت
- المجموعة: مقالات سياسية
- الزيارات: 905
(نُشرت في جريدة الراي، عدد 27 أكتوبر 2020، صفحة 23)
(اضغط هنا للاستماع للمقالة صوتيا على SoundCloud)
أتذكر من طفولتي أن شوكولاتة "فْليك" (وبعض المنتجات الأخرى أيضا) كانت شيئا ثمينا جدا، يُجلب للأحباب "صوغةً" حين القفول من السفر. تلك كانت مقاطعة رسمية حكومية تمنع دخول منتجات الشركات التي لها صلة مع الكيان الصهيوني. وحدث ما نعرفه جميعا: "كل ممنوع مرغوب"، ولقت هذه المنتجات رواجا عظيما. وهذا درس ثمين في فن المقاطعة: المبادرة يجب أن تبدأ من الجماهير، من قاعدة الهرم لا أعلاه.
كبرنا، وجاءت في 2005 أزمة "يولاندس بوستن" التي نشرت رسوما مسيئة للنبي -عليه الصلاة السلام- وأعادت مطبوعات أوربية أخرى نشرها تضامنا معها. فكانت نتيجتها مقاطعة شعبية كاسحة، ومظاهرات غاضبة، وأعمال عنف، بالإضافة إلى تصريحات رسمية شديدة اللهجة. اعتذرت الصحيفة اعتذارا مواربا. هدأت السَوْرة مع الوقت، وعدنا نستهلك الزبدة الدنماركية وكريمات الفيوسيدين!
***
ها هي فرنسا تتنكر لقيم ثورتها (حرية، إخاء، مساواة)، وتخبر المسلمين على مدى سنوات أن حريتها استنسابية، وأن الإخاء نادٍ حصري، وأن المساواة مسألة فيها نظر، تناكفهم على الحجاب والنقاب، تسمح لـ"شارلي ايبدو" سيئة الذكر أن تستسخر من نبيهم برسومها. وتظل فرنسا تستغضب المسلمين إلى أن يأتي فتى مسلم ويتهور ويردي مدرّسا عرض الرسوم المسيئة للنبي -عليه الصلاة والسلام- لطلبته في درس تاريخ. ونحن قطعا لا نقرّ ما فعل الفتى ولا نشجع، لكن لا يجوز أن نغفل السياق الذي حدث فيه ما حدث. يخرج الرئيس الفرنسي مكابرا معلنا استمساكه بالرسوم المسيئة، ويصف هذه الحادثة الفردية بأنها "هجوم إرهابي إسلامي". ثم يأتي وزير الداخلية الفرنسي ويمعن في أذية مشاعر المسلمين فيقول إنه منزعج من وجود المنتجات الحلال في المحلات.
ماذا نفعل إزاء هذا؟ لا خيار سوى المقاطعة. وعلينا أن نعي أن المقاطعة الاقتصادية ليست وسيلة ضغط بالضرورة، لذا علينا ألّا نتوقع أن ينهار الاقتصاد الفرنسي جرّاءها مثلا، أو حتى يتأثر بشدة، فلنكن واقعيين. المقاطعة وسيلة امتعاض، هي أداة إعلامية تستخدمها الشعوب لتوصل رسالة مفادها إنّ مشاعرها جُرحت، وأنّ تكرار ما حدث غير مقبول. المقاطعة وسيلة تحتاج نفسا طويلا، ونتائجها الآنية صعبة القياس، كما أنّ ذاكرة الناس ضعيفة، والمثبطون من بني جلدتنا موجودون. لكنها -صدقوني- مجدية. وحتى لو لم تكن ذات جدوى، هي وسيلتنا الوحيدة المتاحة لإنكار ما حصل؛ ننكر بقلوبنا، وبألسنتنا، وبمقاطعتنا.
آخر ما نتمناه إلحاق الخسارة بالتاجر المحلي الذي صادف أنه يستورد بضاعة فرنسية أو يملك وكالتها. ونتفهم أن بعضهم مضطر للاستمرار في بيعها نتيجة عقود ملزمة. لكننا في المقابل نتوقع منه أن يراسل الشركة الأم لإخبارها بأمر المقاطعة الجارية التي قد تؤثر على طالبته المستقبلية من البضاعة. هذا كل ما نريد.
وستظل المقاطعة ردة فعل عاطفية غاضبة، إلى أن تتبناها جهة تتمكن من تجييرها لتتحول إلى ثمرة تشريعية. وقرأت مقترحا لأحد الزملاء يقترح أن تفضي المقاطعة إلى إصدار قانون تجريم الإسلاموفوبيا على غرار قانون تجريم معاداة السامية. وهذا نضال يقوم به مسلمو فرنسا، ولهم منا نصرتهم بالمقاطعة، هذا وُسعنا.
للمقاطعة جناح آخر نغفل عنه، جناح وازن. كل هذه الضجة التي ستثيرها المقاطعة ستثير دون شك فضول الكثيرين حول العالم. من محمد هذا؟ ولماذا يحبه أتباعه إلى هذا الحد؟ سيتساءلون عن الإسلام، وعن مدى دقة ما يظهر عنه في وسائل إعلامهم. بعضهم قد يمضي في رحلته ذاتيا، لكن بعضهم الآخر سيحتاج أن نتوجه إليه. هذه فرصة مواتية أتتنا من حيث لا نحتسب لنعرّف العالم بديننا وبنبينا. هذا أوان إنتاج الأفلام، والوثائقيات، والمقالات، والكتب. هذا أوان أن نصلي على النبي بكل اللغات، وبكل السبل.
وإلى أن يحدث كل هذا، سنتوقف عن لزوم عطور فرنسا، وسنحجم عن شراء حقائبهم الثمينة ومجوهراتهم الفاخرة، وسنحمي أنفسنا عن أجبانهم بأنواعها الـ246 (والرقم على ذمة دوغول)، وسنمتنع عن تناول الماكارون الفرنسي الشهير. نعم، رحلة الانتصار لمعتقداتنا قد تبدأ بأمر بسيط كالامتناع عن قرص ماكارون ملون شهيّ.
نسخة نصيّة من المقالة من موقع "الراي" || نسخة PDF من المقالة
- التفاصيل
- كتب بواسطة: حياة الياقوت
- المجموعة: مقالات سياسية
- الزيارات: 7417
"... كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله ..."
هكذا يقول رب العزّة في كتابه العزيز، وهكذا يسجلّ التاريخ في "بدر"، وفي "الخندق" وفي غيرهما.
لكن أليس لافتا أن "الفئة القليلة" التي انتصرت –ميدانيا لا أخلاقيا- هم اليهود لا نحن! ألا يستدعي هذا التفكير؟ ألا يستجدي هذا البحث في الأسباب؟ وأنا هنا لا أتكلم عن أداء المقاومة في أحداث غزة الأخيرة، بل أستقرئ تاريخ صراعنا مع الصهاينة.
- التفاصيل
- كتب بواسطة: حياة الياقوت
- المجموعة: مقالات سياسية
- الزيارات: 8713
(1) هوس التنسيء
لا يستهوني كثيرا الهوس بـ"تنسيء" كل شيء
حولنا. فهذا أدب نسوي، وتلك فعالية نسائية، وذلكم إبداع نسواني، وهنالك
ابتكار حوّائي، وكأن النساء في حرب مزمنة مع الرجال لا يرجى البُرء منها
أبدا، وبناء على ذلك عليهن التكتل والتمترس والتحصن وإنشاء نسخة نسائية من
كل شيء. ولا يشترط في هذه النسخة أن تضاهئ النسخة الرجالية جودة، بل
يكفيها أنها نسائية، فهذا بحد ذاته إنجاز، بل وربما عند البعض إعجاز!
- التفاصيل
- كتب بواسطة: حياة الياقوت
- المجموعة: مقالات سياسية
- الزيارات: 6911
أثناء الحروب غير النبيلة يشيع ما يسمى بـ"القتل على الهويّة" حيث تكون هوية الشخص وانتماؤه سببا كافيا لقتله. أما في الحراكات السياسية النبيلة فلا يجوز أن نستنسخ المبدأ ذاته، فما أراه طوال هذه السنوات هو أننا ننزع للتصويت على الحميّة.
- التفاصيل
- كتب بواسطة: حياة الياقوت
- المجموعة: مقالات سياسية
- الزيارات: 6302
1. المسلّمات أم الإنجازات؟
يسألونني "ألا تحتلفين بقرب مرور شهرين على ذكرى مايو وقد أسقمتنا بمقالاتك ونقيقك حول حقوق المرأة السياسية؟"
أقول، هل نحتفل بالمسلمّات أم بالإنجازات؟ هل نحتفل لأن حقًا مؤجلا جاء أخيرًا بعد طول انتظار أم نحتفل لأن انجازًا برز من هذا الحق ولأن مسؤولية حُملت كما ينبغي؟
- التفاصيل
- كتب بواسطة: حياة الياقوت
- المجموعة: مقالات سياسية
- الزيارات: 6214
- التفاصيل
- كتب بواسطة: حياة الياقوت
- المجموعة: مقالات سياسية
- الزيارات: 4394
فلسطين لا تحتاج الى "نقيقنا " و تبرمنا على ما نرى بعين الام و بابيها ، و لا هي تحتاج الى القاء كل اللوم على امريكا و التسلي بنظريات المؤامرة . فلسطين تحتاج منا – ان القينا السمع و نحن شهداء- ان نؤدي فرض العين الواجب على كل من آمن بالله : الجهاد .
اما عن "جهاد الميدان" فهنالك من يبلي فيه بلاء حسنا و يشق طريقة للجنان و يحتاج منا الدعم الدُعائي )بضم الدال ) والمادي. المشكلة كل المشكلة انه و على الجانب الاخر من العالم هنالك من يرقب ، يصور و يعرض ما يحدث على انه مصنع للارعاب .
الاستحقاق الواجب علينا هنا هو ان نقوم ب"جهاد اللسان" ، بكلمة حق عند "سلطان رابع" جائر و امام اعلام اعور مستنسب.
"الآخر" لن يتعطف و يتلطف و يتعلم لغتنا ليسمع الى نظرتنا فهنالك من يقوم بالمهمة عنه ، من يضع له الكذبة في الاذن و القناعة في العقل . ما نحتاجه بسيط ، و بُحَّ صوت الكثيرين في الدعوة اليه : فضائية تبث بالانجليزية مبدئيا و ربما مستقبلا بلغات اخرى تقدم التحليل السياسي بطريقة عقلانية ، مقنعة ،و موضوعية دون تشنج ، و تقدم الخبر معززا بالصورة ، و تقدم تصحيح الفكرة مدعما بالحقيقة ، هنا يمكننا ان نلوم الاخر ان اصابه الرهاب منا .
الحجة المكرورة هي عدم توافر الدعم المالي للقناة . و الحل بسيط ، لم لا تعمل الفضائية على هيئة المدارس و الهيئات غير الهادفة للربح ؟ لم لا توظف المتطوعين من الشباب المتعطش لعمل شئ و انا اول من سيتقدم ؟
لم لا يكون اسم القناة "قناة الجهاد " و هم اسم سيعمل على امرين : اثارة فضول المتابع ، و ابراز كل القوالب الذهنية عن الجهاد الى السطح ليفاجئ بان هذة القناة عمل اعلامي متقن ، عقلاني ، له رسالة لكشف الحقيقة لا الربح ، فهذة قناة مختلفة عن بقية القنوات ، و هي اكثرهن استقلالا . ها ستحدث عملية تسمى Disillusionment او التحرر من الوهم ، فيغدو المشاهد اكثر وعيا، تفتحا و تقبلا .
هذا ما سينقلنا من ممارسي ثقافة الضحية الى ثقافة المبادر و المغيِّر بدل الانسحاب و التبرم . هنا صفادع المستنقعات هي من سيتحول الى النقيق . جهزوا سدادات الاذن او ابحثوا لهم عن اميرات!
نشرت في مجلة الاتحاد، العدد 195، ديسمبر 2002.
- التفاصيل
- كتب بواسطة: حياة الياقوت
- المجموعة: مقالات سياسية
- الزيارات: 4169
(ان اصبحت احدى النساء نائبة. ) "اي عضوا في البرلمان رغم ان المناصب لا تؤنث." ( فتلك نائبة. ) " و هي احدى الكلمات التي تعني مصيبة بالعربية" .
هكذا يعلق احدهم على الموضوع و هذا رأيه المُعْلِم غير المُلْزِم . لكن المشكلة هي ساعة تطلب منه توضيحا فيقول " انهن ناقصات عقل و دين و لا تجوز لهن الولاية و فوق ذلك البرلمانات تحتوى على مخالفات شرعية عديدة يجب الا يزج الى المرأة بها ". هذا القول بامكانه ان يكون رأيا شخصيا يحتمل الصواب و الخطأ و له الحق ان يعيش في فضاء الفكر لولا التبرير الديني بالاستدلال غير السليم الذي يتبعه. لا اعرف سر توّلع البعض بخلع رداء الدين على الموروث الذي يعارض الشريعة ، و لا اعرف ايضا سر تولع البعض بلي عنق النص الديني كي يناسب ما كمن في اللاشعور الجمعي .
فلسفة الحق السياسي – تصويتا و ترشيحا - ابسط من ان نختلف حولها ، هي حق للانسان الراشد العاقل ، و حرمان المرأة منها اما ان يعني انها غير راشدة و اما ان يعني انها غير عاقلة او اقل عقلا و هو لي لمعني الحديث الشريف و ابتسار لسياقه و عدم تفريق بين سلامة العقل sanity ، وبين المقدرة العقلية caliber ، و بين العقلانية rationality . و الثالثة – اي العقلانية- هي المقصودة في الحديث و هي سبب ان شهادة امرأتين تعدل شهادة رجل في بعض المسائل، فذلك ليس لان النساء اغبى او اقل مقدرة في التفكير، بل بسبب العقلانية حيث تغلب العاطفة لدي الكثيرات منهن . الجيد في الامر ان العقلانية ليست شرطا للمشاركة السياسية . هذا على افتراض اسوأ الحالات و هي ان كل النساء عاطفيات و متسرعات و هو امر لا يصح منطقا ، هذا فضلا على ان المنطق لا يمنع وجود رجال يغلب عليهم التسرع و الغضب اكثر من غلبة العقلانية عليهم . اذا لم يبق سوى ثالثة الاثافي و هي التحجج بان النساء لا ينتمين الى الجنس البشري ، و ليسامح الله من يعتقد بذلك !
هنا يطرح التساؤل نفسه: هل المقعد البرلماني من الولايات ؟ بل هو منصب تمثيلي و ليس ولاياتياً ، كمندوب ينوب عنك فهل يعني ذلك ان للمندوب سلطة عليك الا بقدر ما فوضته انت ؟ هذا على اعتبار اننا نتكلم عن مؤسسات محكومة بقواعد لا عن افراد اتوقراطيين يتصرفون كما بدا لهم و في هذة الحالة - اي الاتوقراطية الفردية – يكون عمل الرجل البرلماني ايضا محرما!
مؤسف ان يكون حراما على الاناث برلمانهم حلال للذكور من الانس ! فالتحجج بان البرلمان يحوى مخالفات شرعية يعني امرين لا ثالث لهما . اما ان ننهج حلا انسحابيا سلبيا بالابتعاد عنه و هذا يشمل حكماً الرجال و النساء على حد سواء و ليترجل بعيدا عن البرلمان إذاً من كان يرى ذلك . و اما ان نقرر ان نخوض التجربة و ان نصلح ما هو قائم و هذا يتطلب منا تحمل المسؤولية التعبدية و الاستخلافية لا فرق بين ذكر و انثى في ذلك فالحضارة و التنمية لا تحْجِلان و لايمكن ليد واحدة الا ان تصفع لا ان تصفق او تنتج .
الاستحقاق الاصعب امامنا هو مسؤولية مشتركة ، و تضييع الوقت و الجهد في الشرعنة للوضع القائم المخالف للدين لا يعني ان الصحيح لن يصح في يوم ما .