ان ما يحدث في الولايات المتحدة امر يستحق عناء المتابعة ، فبين الفنتازيا الجنسية  للرئيس كلينتون وبين القوة الحديدية لزوجته التي يبدو انها لا تعبأ الا بالظهور الاعلامي وفرض السيطرة ولذلك هي تغض الطرف عن مغامرات زوجها الخمسيني المتمتع بقدر كبير من( الكاريزما) ، وبين مؤامرة الجمهوريين المحتملة ،وبين اجازة نائب الرئيس( ال غور )في جزر هاواي ، وايضا بين اعلان مسحوق (بيومات ) الاسرائيلي الذي عمل عمله في فستان مونيكا الازرق ، بين هذا كله وجدت نفسي مدفوعة اغالب الوسن والعناء في الخامسة صباحا لاتابع الرائع ( لاري كنغ ) وتحليلاته لخطاب الرئيس المقتضب الذي ظهر فيه رئيس اهم قوة في العالم في اسوأ حالاته ، فبعينين منتفختين (ربما بسبب البكاء من يعلم ؟) اعترف الرئيس انه سئل اسئلة لا يود أي مواطن امريكي الإجابة عليها ، واعترف بعلاقة كان قد نفاها والاهم من هذا كله اعترف انه ضلل الجميع ومن بينهم زوجته وان كان اعتبر ان للجميع  حياة خاصة حتى الرؤساء .

وبغض النظر عن مصير الرئيس الذي سيحدده تقرير المحقق المستقل (كينيث ستار ) الذي سيقدمه للكونغرس و بغض النظر عن مدى رضا شعبه او سخطه ، اجدها فرصه لعقد مقارنه بين حال الديموقراطية في حقيقتها ومفهومها وتطبيقها وبريقها في الغرب وانطفاء جذوتها في الشرق بين اغلال الروتين وقيود البيروقراطية. وبين قرارات تنضوي تحت لواء ( حبر على ورق) وان كانت الولايات المتحدة تسيطر على العالم -وان لم يكن ذلك بصورة رسمية - فالفضل في ذلك لديموقراطيتها و قوة ارادتها وادارتها . لذا رجاءا لنتوقف عن لوم نظرية المؤامرة التي لم توجد الا بسبب ضعفنا و تشرذمنا ،ولنتوقف عن لوم الاستعمار الذي رحل و ولى منذ زمن ،ولنتوقف عن لوم القدر ولعن الحظ ، ولنتوقف عن النواح والتوجع على تاريخنا الاسلامي عندما كنا نقود العالم بزمام الشورى-هذا عندما كنا نفهم ديننا- ، ولنحاول من جديد ان نتعلم ابجدية الديموقراطية .

 

نشر في جريدة القبس ، العدد 9041 ، بتاريخ 21-08-1998