تعليق على قصة المسيخ إلكترونيا لحياة الياقوت 

عبد الباقي يوسف

قصة تنتمي إلى نوع الأدب الذي يشد القارئ إلى أن يفرغ من العمل الإبداعي الذي باشر به مهما كان حجمه طويلا أو قصيرا , وهذا التشويق القصصي والسردي والحكائي مصدره بالدرجة الأولى أن الكاتبة تُشعر قارئها أنها تحكي له حادثة مثيرة جرت معها بالتحديد , وهنا يرى القارئ فرصة ذهبية لأن يتعرف على تفاصيل حياة الكاتب الذي يقرأ له خاصة وإن كان من معجبيه ومن متابعيه.

حياة الياقوت – الكاتبة والأديبة والمفكرة والقاصة الكويتية الشابة – تعتمد في غالبية إبداعاتها الأدبية على عنصر التشويق هذا ويحالفها الحظ في منهجها الذي ارتأته. في هذه القصة نتعرف على شخصية الكاتبة المتابعة للحاسوب وتقنياته , ولكن بذات الوقت تطرح القصة مسألة بالغة الأهمية وهي شعور الإنسان – ولأقل على الأقل شعور الجيل الشاب في منطقة الخليج العربي خصوصا والوطن العربي عموما بحالة الفراغ الهائلة التي تجتاحه في بعض الأوقات – وقد ذكرتني هذه القصة بالكاتبة الفرنسية اللامعة (فرنسواز ساغان) التي أبدعت عملها الكبير "صباح الخير أيها الحزن" وحولتها هذه القصة إلى أسطورة حقيقية في الأدب الفرنسي والعالمي وهي كذلك تطرح قضية حساسية الجيل الجديد بعد الحرب العالمية الثانية , وربما تذكرت هذه المقارنة نظرا للسن المبكرة التي كتبت فيها ساغان عملها مقارنة مع السن المبكرة التي تكتب فيها حياة الياقوت.

إذن تريد القصة أن تنبه إلى مدى خطورة الأنترنيت على الجيل الذي لايتسلح جيدا بثقافة الدين الذي ينتمي إليه , فهرعت البطلة إلى القرآن في محاولة منها لمواجهة الخطر القادم بعض الأحيان من هذه النافذة المفتوحة على العالم برمته وقد استجابت لتوجيه أمها" الا تعليمن ان من يحفظ و يواظب على قرأءة اول و اخر عشر ايات من سورة الكهف يوميا يحمى من شر المسيخ الدجال؟"
هنا تبقى النهاية مفتوحة وهذا يشير إلى الذهنية المنفتحة التي تتمتع بها الكاتبة , فالرسائل ومهما كانت سوف لن تجد مانعا من دخول بريدها الإلكتروني , وهنا يمكن الاستفادة منها كذلك بدل أن تلحق الأذى شرط التسلح المشبع بثقافة الدين وثقافة التراث وعلى هذا يمكن أن نفهم مقولة غاندي نفسه " أسمح لجميع الرياح أن تمر بنافذتي ولكن لاأسمح لها أن تقتلعني من جذوري"