في العامية الكويتية يقال " وجه تعرفه احسن من وجه ما تعرفه " و كثيرا ما تُردد عبارة "الله لا يغير علينا " وفي معظم اللهجات العربية يقال " الله  يرحم ايام زمان " .اما في اميركا يقال if it aint broke don’t fix it  او اذا لم يكن الشيء مكسورا، فلا تصلحه.

و على ما يبدو فان مقاومة التغيير طبيعة بشرية في مجملها ترتبط بارتسام الخوف على الوجوه و في القلوب من المجهول ، و يبدو ايضا ان من هم اكبر سنا اوفر حظا ( او اتعسه ) في هذا الخوف !

المشكلة ليست في ذلك طالما ان كل البشر – او معظمهم – يرهب ما و من يجهل ، بل المشكلة في كل المشكلة في ارتباط هذا الخوف بال"نوستالجيا" و هي الارتباط غير الواقعي و غير السوي بالماضي -بعيوبه و عقده- بتحويله ملهما للحلول و مقصدا للاتجاه عوضا عن المستقبل.

هنا يستحيل العرف و العادة و الموروث و التاريخ ليس الى امر واقع و حسب ، بل و الى مصدر للشرعية و محتكر لها – حتى لو اختلف مع الدين و المنطق في بعض الاحايين – و يتم تصوير كل محاولة لتعديله ، تغييره ، او الغائه على انها تمرد و مروق على "الحق " و "الصواب " .

اجترار الماضي حل انسحابي كاحلام اليقظة المتواترة . اثارت ضحكي و حنقي في آن احداهن حيث قالت لي : " فقط لو يعود صلاح الدين ، ستحل كل مشاكلنا مع اليهود " . المشكلة ان صلاح الدين قد قضى و ليطيب الله و ثراه و ليجزه خيرا بما فعل و الموتى لا يعودون و التفكير الرغائبي لا يفعل شيئا سوى تأخير التقدم . ليتها فقط قدمت رؤيتها عن كيفية ان يصبح احدنا صلاح الدين ( شريطة ان يكون متوافقا مع الالفية و لا يبدو كمن خرج لتوه من خيمة في الصحراء ) ،عمليا و بخطوات واضحة بدلا من الاستسهال و استيراد الحل من الماضي – رغم انه جميل في هذة الحالة و ليس تعلقا تاما بموروث بال- لكنه يظل حلا غير سوي و غير ناجع.

"التَـمَـسْـمُر" بالماضي  ليس هو الحل  ف"النوستالجيا" خيار العاجز الذي يفضل ان يندب حظه و يبكى على الاطلال و يسلي النفس بنظريات المؤامرة –صحت او لم تصح- و يتحسر على ما فات منتظرا الفرج من كتب التاريخ متناسيا -لا ناسيا- بان السماء لا تمطر لا ذهبا و لا فضة و ان التاريخ لا يعيد نفسه من تلقاء نفسه او بترحمهم عليه بل بفعل من قرر ان يصنعه . هنا على رياح التغيير ان تهب لتعالج جهلنا. فيكون علينا ان نبحث هذة المرة عن الوجه الذي لا نعرف عله يكون افضل و انجع من ذلك الذي نعرف .