في عالم مر بمراحل تاريخية متشابهة تسير في نمط متقارب ،ساد فيه "السلام الروماني " ف"السلام البريطاني " ف "السلام الأمريكى " ، يخاف "الغرب" او لنقل "الآخر" من ان تأتي قوة -فعلية او احتمالية- فتسحب البساط من تحت قدميه. السلام الاسلامي Pax Islamica هو المرشح الاقوي على المستوى النظري على الاقل . بيد ان الحل يكمن في الحوار لا الصدام طالما انه في اجواء الحرية الكاملة لا ينتصر الا الاسلام لان له ربا يحميه.
على مر التاريخ ، كان هنالك دوما حضارة قوية مسيطرة - و حضارات اخرى اما تسلم مذعنة مندمجة مع الحضارة الاقوى ، او تتحين الفرصة كي تحل محلها. للاسف و لحسن الحظ معا في آن ! ، فان الاسلام لم يصل بعد الى مرحلة "البعبع " و لا يزال امام ابناء هذا الدين الكثير كي يغدو جديرا بان يقف كخصم فعلي ، و هذه حجة لنا بان الوقت مازال مبكر لهذه "الاستعدائية الاستسباقية " التي ترى الاسلام الخصم القادم ، فلنقنعهم ان الاسلام خصم محتمل ، و الافضل لكم ان تحاوره الان ، قبل ان ينتصر و يحل محلكم و عندها قد يرفض الحوار معكم كما ترفضون الحوار معه الان ! فلنخبرهم ان ديننا انساني بل و عالمي عولمي، فلنخبرهم بان حضارة الاسلام هدفها تحقيق اكبر قدر من العدل ، فحين ان حضارة "الاخر " -ايا كان - هدفها تحقيق اقل قدر من الظلم و حسب .
السؤال الاهم : ماذا فعلنا كي نسمعهم صوتنا ؟ و كي نحل "عقدة الفتوحات " التي لدي عامتهم و " عقدة الخبث" التي لدي بعض من مثقفيهم و الكثير من اجهزتهم الاعلامية صهيونية التمويل ؟ فنحن قطعا لا نريد لكل من الطرفين ان يستمر في "شيطنة " الاخر .الا ان احدا لا ينكر الدور السلبي لنا كمسلمين في الابقاء الى الوضع القائم و الركون الى الشجب و التنديد بالاعلام الغربي الانتقائي الصهيوني التمويل الذي يتربص بنا ، دون ان نقدم البديل له سوى "محاورة الذات " و التظلم و التشكي مما يٌفعل بنا .
نجاح حوار الحضارات يشترط في البداية حوار "الانا " مع "الانا " قبل حوار "الانا " مع الاخر .المصالحة مع الذات جد مهمة ، و عوامل بناء الثقة على المستويات الحوارية الاسلامية هي ما يؤهل المسلمين ان يكونوا قادرين على بدء حوار متسق ، متزن ، فعال ، غير استلابي مع "الآخر " .
تلافياُ للصدام قبل التلف ، ستظل العلاقة عدائية ، استلابية ، و "اعدقائية " في احسن احوالها ما لم يبدأ حوار الانا مع"الانا و يليه حوار متكافئ ، حوار لا يهدف الى "تركيع " "الاخر" - و هذا يشمل كلا طرفي او اطراف الحوار- بقدر ما يهدف الى اكتشافه و الاستماع له في جو من العدالة و الحرية التي لن ينتصر في اجوائها الا الافضل ، الاكفأ و الاحق .