ألقيت هذه الكلمة في الحفل الختامي لأكاديمية الأدب الذي أقيم في رابطة الأدباء الكويتيين في 25 إبريل 2018.

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على رسوله الكريم

يقول شوقي:

تَكادُ لِرَوعَةِ الأَحداثِ فيها ***    تُخالُ مِنَ الخُرافَةِ وَهيَ صِدقُ

إذا، الروعة والخرافة، الجمال والخيال متلازمان.

نعم، إنه الخيال يا سادة، الحاسةُ السادِسة لدى الأديب، حاسة لم يتصنّعها، بل هكذا اصطنعها اللهُ له.

إذا، ماذا نفعل نحن في أكاديميتنا هذه؟ وكيف تسوّل لنا نفوسنا أن نتدخلَ ونقفَ في طريق هذا الخيال، وقد تدكنا مداحله المنطلقة؟!

لا نزعم أننا نعلّم الأدباء "سرّ الصنعة"، ولا ندّعي أننا نعطيهم إكسير الخيال. هذا أمر لا قبلَ لنا به، وما ينبغي لنا. في هذا لا نملك إلا "جُهد المقلّ"، وهو أن نقدّم لهم قالَبا يضعون فيه بهاء الخيال، قالَبا يجعل خيالهم مفهوما لمن لم يَطعموا تلك الحاسةَ الخاصةَ، حاسةَ الخيال الجامح.

وقد يكون هذا القالَب قصةً كما في دورة "فنِّ كتابةِ القصة"، أو قصيدة كما في دورةِ "علمِ العروض"، ودورةِ "علمِ القافية"، أو لازمةً من لوازم هذا كله؛ لغةً سليمةً كما في دورةِ "مفاتيحِ السلامةِ اللغويةِ للأديب"، أو في شؤونِ وشجونِ النشر كما في دورة "التأليفِ والنشرِ في العصرِ الرَقْمي".

وهنا، لا يفوتنا أن نشكر شريكتنا في هذه المُهمة منذ عام 2015، وَزارةِ الدولة لشؤون الشباب، فشكرا لهذه الرعاية الوارفة.

يا لهذا الخيال يجمح ويجنح، يأتي لنا بقِصصٍ لم توجد، وبشخصياتٍ لم تولد، وبأبياتٍ كاذبة جدا. لكن ألم تقل العرب "أعذبه أكذبه"؟

أكاديميتنا هذه تعطي الأديبَ المجنّح بالخيال قوانينَ تجعل "كذبه" قابلا للفهم والهضم، وتعطيه الأداة ليؤديَ رسالته في تصحيح هذا العالم البشع. وإلا، فإن الأديب سيبقي هنالك، بجناحيه يرفرف في عالم سحريّ سريّ، عالم لا يعرفه إلا الأدباء. والذين يعرفون مكان ذلك العالم، أرجوكم، لا تفشوا السر!

حياة الياقوت - رئيسة أكاديمية الأدب