(ان اصبحت احدى النساء نائبة. ) "اي عضوا في البرلمان رغم ان المناصب لا تؤنث." ( فتلك نائبة. ) " و هي احدى الكلمات التي تعني مصيبة بالعربية" .
هكذا يعلق احدهم على الموضوع و هذا رأيه المُعْلِم غير المُلْزِم . لكن المشكلة هي ساعة تطلب منه توضيحا فيقول " انهن ناقصات عقل و دين و لا تجوز لهن الولاية و فوق ذلك البرلمانات تحتوى على مخالفات شرعية عديدة يجب الا يزج الى المرأة بها ". هذا القول بامكانه ان يكون رأيا شخصيا يحتمل الصواب و الخطأ و له الحق ان يعيش في فضاء الفكر لولا التبرير الديني بالاستدلال غير السليم الذي يتبعه. لا اعرف سر توّلع البعض بخلع رداء الدين على الموروث الذي يعارض الشريعة ، و لا اعرف ايضا سر تولع البعض بلي عنق النص الديني كي يناسب ما كمن في اللاشعور الجمعي .
فلسفة الحق السياسي – تصويتا و ترشيحا - ابسط من ان نختلف حولها ، هي حق للانسان الراشد العاقل ، و حرمان المرأة منها اما ان يعني انها غير راشدة و اما ان يعني انها غير عاقلة او اقل عقلا و هو لي لمعني الحديث الشريف و ابتسار لسياقه و عدم تفريق بين سلامة العقل sanity ، وبين المقدرة العقلية caliber ، و بين العقلانية rationality . و الثالثة – اي العقلانية- هي المقصودة في الحديث و هي سبب ان شهادة امرأتين تعدل شهادة رجل في بعض المسائل، فذلك ليس لان النساء اغبى او اقل مقدرة في التفكير، بل بسبب العقلانية حيث تغلب العاطفة لدي الكثيرات منهن . الجيد في الامر ان العقلانية ليست شرطا للمشاركة السياسية . هذا على افتراض اسوأ الحالات و هي ان كل النساء عاطفيات و متسرعات و هو امر لا يصح منطقا ، هذا فضلا على ان المنطق لا يمنع وجود رجال يغلب عليهم التسرع و الغضب اكثر من غلبة العقلانية عليهم . اذا لم يبق سوى ثالثة الاثافي و هي التحجج بان النساء لا ينتمين الى الجنس البشري ، و ليسامح الله من يعتقد بذلك !
هنا يطرح التساؤل نفسه: هل المقعد البرلماني من الولايات ؟ بل هو منصب تمثيلي و ليس ولاياتياً ، كمندوب ينوب عنك فهل يعني ذلك ان للمندوب سلطة عليك الا بقدر ما فوضته انت ؟ هذا على اعتبار اننا نتكلم عن مؤسسات محكومة بقواعد لا عن افراد اتوقراطيين يتصرفون كما بدا لهم و في هذة الحالة - اي الاتوقراطية الفردية – يكون عمل الرجل البرلماني ايضا محرما!
مؤسف ان يكون حراما على الاناث برلمانهم حلال للذكور من الانس ! فالتحجج بان البرلمان يحوى مخالفات شرعية يعني امرين لا ثالث لهما . اما ان ننهج حلا انسحابيا سلبيا بالابتعاد عنه و هذا يشمل حكماً الرجال و النساء على حد سواء و ليترجل بعيدا عن البرلمان إذاً من كان يرى ذلك . و اما ان نقرر ان نخوض التجربة و ان نصلح ما هو قائم و هذا يتطلب منا تحمل المسؤولية التعبدية و الاستخلافية لا فرق بين ذكر و انثى في ذلك فالحضارة و التنمية لا تحْجِلان و لايمكن ليد واحدة الا ان تصفع لا ان تصفق او تنتج .
الاستحقاق الاصعب امامنا هو مسؤولية مشتركة ، و تضييع الوقت و الجهد في الشرعنة للوضع القائم المخالف للدين لا يعني ان الصحيح لن يصح في يوم ما .