" ابو فلان يُقرئك السلام و يطلب منك ..." . هكذا تبدأ ، على اساس من الصلات الاجتماعية و المودة تارة او من "الارعاب الاجتماعي " تارة اخرى ، لا يهم بايهما تبدأ طالما انه و في النهاية سيغبن احدهم .
الواسطة لا تختلف باي حال عن الرشوة ، و مؤسف ان نقصر نظرتنا لها – اي الرشوة-على صورتها المادية غافلين عن انها كثيرا ما تظهر كالحرباء بصور اخرى ، و في بعض الاحيان تكون اكثر اجبارا -او للاسف- اكثر تقبلا عرفيا . الواسطة هي من كل بد رشوة اجتماعية او كما اسميها "رشواسطة" !
لست ادرى ما المانع من تصدر فتوى جامعة مانعة تقول ان حكم الواسطة – و ليس التوسط في الخير اعني - هو حكم الرشوة ؟ اليس في كلتيهما يصل الانسان غير المناسب الى المكان غير المناسب ؟اليس في كلتيهما تقويض لاحد اعمدة الحضارة الاسلامية الرئيسية : العدالة ؟
احد عناصر الواسطة هو الجبر الاجتماعي ، فان لم ينصع احدهم لسلطة المتنفذ اجتماعيا تنشا المشكلة و يبدأ "العزل الاجتماعي " . الاقبح ، ان يشرعن العرف و التقليد لها تحت استار "التكافل " و "النصرة " و العودة للتفسير الجاهلي ل "انصر اخاك ظالما او مظلوما "
الحضارات تسقط اذا غابت العدالة و غاب الاجتهاد . "الرشواسطة " تكرس العاملين ، فكم من مظلوم بسببها ، و كم من غياب للاجتهاد الفقهي بسبب الخوف من معارضة التيار السائد . اذا ارادنا فعلا الحل فلنبدأ بفتح باب الاجتهاد مجددا ، و لنوسع افقنا ، فللا نخجل من كلمة حق عن "سلطان " اجتماعي جائر ان كانت هي اعلى انواع الجهاد و الاجتهاد.
هذه هي احد الخيوط الاجتهادية المتروكة برسم اهل الفتوى ،اضع مسئوليتها في ايديهم و عقولهم ، فبدلا من التبرم ليل نهار بالمؤامرة ، لم لا ننشغل قليلا او كثيرا بتنظيف بيتنا الزجاجي قبل ان يتهشم ، ب"طوب" من الاخرين او ربما ب"طوب" من صنع ايدينا !
جريدة الحدث ، العدد 99 ، 16 نوفمبر 2002