هل هو سوء الحظ ام سوء التدبير ، ام سوء النوايا ذاك الذي يطاردنا ؟ هل قدرنا ان يظل حراما علينا ان نحظى بداعية حسن الحديث و الاسلوب و المظهر ؟ ام ان وراء الاكمة -و كالعادة- داع سياسي؟
الاستفهامات الكثيرة تتقافز امام منع الداعية عمرو خالد من القاء دروسه ، مما استدعى هجرته – و بطريقة حكيمة لتعامل مع الازمة بصورة خاطفة للاعجاب – لاتمام دراسته ليسكت الذين احتجوا على عدم اهليته الدينية رغم انه لم يتطوع قط بالفتوى .السؤال:لم يتضايق نظام سياسي من تدين الناس؟
كنت اتصفح موقعه الالكتروني و لمعت الاجابة واضحة امام عيني من خلال اسماء سلاسل المحاضرات التي قدمها : " اصلاح القلوب " ، " العبادات " ، " الاخلاق " و مؤخرا "الهداية ". و هذه السلاسل تشكل هاجسا سياسيا– و ان كان خافتا- لانظمة تخشى من يأتي بديل لها خاصة اذا كان اسلاميا او يحمل شيئا ما يذكر – و لو من بعيد – بفكرة " دولة الاسلام".
ففي سلسلة" اصلاح القلوب " تذكير بالفترة المكية التي استمرت ثلاثة عشرة سنة ، من اصلاح للقلوب و تثبيت للعقيدة ترسيخ للايمان ، و سلسلة " العبادات " تتبعها مركزة على الدور التعبدي الذي لا يكتمل الا بالدور الاستخلافي من خلال سلسلة " الاخلاق " حيث يكتمل خلق المسلم فيكون خليفة الله في الارض . و الاعلان الاخير عم سلسلة جديدة بعنوان الهداية ينقلنا الى البعد الكوني العولمي للاسلام حيث هداية الاخر و الاخذ بيده سواء ا كان مسلما او دعوته ان لم يكن كذلك ، و يمكننا ربط الاعلان عن الاعداد لبرنامج للمغتربين بذلك .
اما " و نلقى الاحبة" فهي سلسلة تلفزيونية تشكل ربطا صحيا بالماضي و التاريخ ليس "نوستالجوية ً " بل اخذا للعبرة و اقتداء لا تقليدا . ليس باستيراد الماضي و حشره في الواقع ، بل استخلاصا لمبادئ الماضي و تطبيقها على الواقع .
نفاذ عمرو خالد الى فئات محرمة : الشباب و الاثرياء اثار الهاجس الى درجة الغليان ، فهناك من يرى ان عمرو خالد يمهد بطريقة غير مباشرة – و ان لم يقصد – لتأسيس جيل يقيم "دولة " اسلامية .
العلم يغير البشر، و عندما يرتبط العلم بعملية اعلامية تكتنفها روح المهنية و الحرفية يكون التغيير هنا عملية شاملة للسلوك و الفكر و العمل : التغيير لاجل العمل هو ما يخيف الكثيرين ، فحتى من تكلم في الاخلاقيات لا الخلافيات اصبح مصدر خطر على النظام لانه يفكر و يدعو الاخرين للتفكير. هنالك من ( يؤزم ) كل شئ ، و يؤزم هما تعني التأزيم اي التصعيب و التعسير ، و تعني ايضا الادلجة ، نسبة الى اللاحقة ism التي تعني اديولوجية ، يبدو ان البعض لا يزال في مناخ الحرب البادرة و فضل ان يؤدلج عمرو خالد ، بدلا من ان يراه على انه داعية او اعلامي . فتحول من انسان الى اديولوجية يمكن ان نسميها بال " عمروخالدية " او
Amr Khaledism .
مناخ "الادلجة" الحرب الباردة ولى ، و في مناخ الشفافية البقاء للافضل و الاصلح لا الاقوى. و بدلا من التهجير و التنكيل فلُيقدم البديل .
جريدة الحدث ، العدد 101 ، 21 ديسمبر 2002 ، صفحة 3