تُواصل مبادرة «أصدقاء المكتبة على المستوى العربي»، ومقرّها الكويت، نشاطاتها في الأردن، من خلال زيارات عدد من المؤسسات التربوية والاجتماعيّة ذات العلاقة، في لقاءات حيّة مع فئة الطفل المستهدفة في هذه المؤسسات، والنقاش الحيّ معها وإفادتها بخبرة أدباء متنوعي الاهتمامات الأدبيّة والفنيّة.
المبادرة التي تزور الأردن للعام الثاني، كأوّل دولة عربيّة في سياق نشاطاتها خارج الكويت، استضافتها المؤسسة الصحفيّة الأردنيّة الرأي، صباح أمس في ندوة حواريّة، وشاركت فيها رئيسة المبادرة كاتبة الطفل الأديبة الكويتية أمل الرندي، وكاتبة مسرح الطفل الأديبة هدى الشوا، وكاتبة الطفل حياة الياقوت، والكاتب المسرحي والشاعر علاء الجابر، والأديبة والباحثة فاطمة شعبان، وكاتب الطفل الشاعر محمد جمال عمرو.
وتناولت النقاشات آلية عمل المبادرة، وأهميّة أدب الطفل في حمل الرسالة
الوطنيّة والإنسانيّة، وتحديات المبادرة في إقامة النشاطات واستمرارها، ودور
القطاع الخاص في الشراكة والدعم، انطلاقًا من المسؤوليّة المجتمعيّة مع القطاع
الحكومي والمبادرات المجتمعيّة، كما تمّ الحديث حول بدايات وفكرة تأسيس
المبادرة وفئتها المستهدفة وطموحات فريقها نحو نشاطات عربيّة وعالميّة نوعيّة
تؤتي ثمارها باستمرار.
وقالت رئيسة المبادرة الكاتبة أمل الرندي إنّ المبادرة يسعدها أن تكون في
الأردن، كأول نشاط عربي خارج الكويت يؤمّل أن يمتدّ عربيًّا على دول عربيّة
عديدة، ملقيةً الضوء على المبادرة التي تأسست عام 2018 في الكويت، وتهدف إلى
التفاعل المباشر مع الطفل والقراءة له ومناقشته من خلال فريق متخصص من
الأدباء والفنانين التشكيليين والباحثين في أدب الطفل.
وأكّدت الرندي أنّ هدف المبادرة في توعية الطفل وخلق جيل مثقف وواعٍ وذي شخصيّة
قويّة تسهم مستقبلًا في المجتمعات والأوطان، هو الفكرة الرئيسيّة التي تعمل
عليها لتشجيع القراءة وحفز الطفل على أن يكون صديقًا للمكتبة، بما في ذلك من
اهتمام بنشر اللغة العربيّة وجعلها حاضرةً لدى طفلنا العربيّ، وقالت الرندي
إنها أطلقت المبادرة منذ أن كانت رئيسة لجنة أدب الطفل في رابطة الأدباء
الكويتيين، منذ خمس سنوات، حيث تمّ التعاون في سنتين متتاليتين مع مكتبة ذات
السلاسل، مرة برعاية الرابطة، ومرّة أخرى برعاية المجلس الوطني للثقافة
والفنون والآداب.
وقالت الرندي إنّ المبادرة واصلت دورها حتى في فترة جائحة كورونا، حيث تمّ
التواصل عبر الإنترنت، لافتةً إلى إطلاق مسابقة «نجم مبادرة أصدقاء
المكتبة»، برعاية أمين عام المجلس الوطني للثقافة والفنون كامل
العبدالجليل، ومشاركة أطفال من 12 دولة عربية.
وعن آلية العمل، قالت الرندي إنّ المبادرة توخّت الذهاب إلى الطلاب في
مدارسهم، لتوصيل رسالتها، معربةً عن تقديرها لجمعية جود الخيرية ممثلةً
برئيسها عبد العزيز الزايد ومديرها العام د. فريد كلندر على دعمهما المستمر
للمبادرة ومتابعة أنشطتها ورعايتها المستمرة، وكذلك للمجلس الوطني للثقافة
والفنون في الكويت.
ورأت الرندي أنّ ما يشجّع المبادرة على أداء مهامها وأهدافها في الكويت وعلى
المستوى العربي، هو إيمانها بأنّنا يجب أن نصل للطفل ونكون قريبين منه، دون
أن نتعامل معه عن بعد، وقالت إنّ المبادرة انتقلت إلى مدارس حكومية ومدارس
خاصّة، ودور رعاية الأطفال، انطلاقًا من الحرص على التنويع في فئات الأطفال
ضمن فريق متنوّع في اهتماماته في الأدب القصبي والشعر والفن التشكيلي من
داخل الكويت وخارجها، مؤكدةً أهمية دعم الكتّاب أنفسهم لاستمرار عمل الجمعية
وأداء رسالتها، وكذلك دعم الجهود الوطنيّة والقطاع الخاص.
وأعربت الرندي عن سعادتها في لقاء المبادرة أمس بأطفال مدرسة القدس، كمدرسة
متميّزة أعطت انطباعًا عن احترامها للطفل وفتحها آفاق القراءة والشخصيّة من
خلال التفاعل مع فريق المبادرة. وقالت إنّ المبادرة ستنظم اليوم لقاءً مع
مفوضيّة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مهتمةً بالذهاب إلى أطفال المخيّم كفئة
مهمّة ومستهدفة للمبادرة.
ولفتت الرندي إلى حفل تكريم المبادرة الذي أقيم في رابطة الأدباء الكويتيين
تحت شعار"جسر بين المبدع والطفل»، برعاية جمعية جود الخيرية، والمجلس
الوطني للثقافة والفنون والآداب، وتمّ فيه الإشادة بجهود المبادرة ورؤيتها
في توسيع عملها والوصول إلى فئات الطفل ضمن أقصى طاقة ممكنة.
من جهتها، تحدثت الكاتبة هدى الشوا المتخصصة في كتابة مسرح وأدب الطفل
والناشئة، عن موضوع اعتبرته مهمًّا جدًا، وهو كيفيّة وصول الكتابة الإبداعيّة
إلى المنهج المدرسي، معتقدةً بأنّ هناك فقرًا في منهج اللغة العربيّة في
الكتابة والقراءة الإبداعيّة، وأنّ ذلك ما دفعها لهذا الأمر، كأولويّة من
أولوياتها الثقافية والمتخصصة، إذ لا بدّ من مساندة المنهج الحكومي بأنماط
مختلفة من الكتب الإبداعيّة.
ورأت الشوا أنّ لقاء المبادرة بأطفال مدرسة القدس، هو دليل قوي على أهميّة أن
تقوم أيّ مؤسسة تعليميّة بتوظيف تجارب الكتّاب وصانعي المحتوى الإلكتروني
أيضًا، مؤكدةً أهمية إطلاق طاقات الطفل على المستويين الوطني والإنساني وفتح
جميع الآفاق له نحو الخلق والتفاعل والابتكار.
وتحدثت كاتبة الطفل والمدرسة في قسم علوم المكتبات والمعلومات بجامعة الكويت حياة الياقوت، عن أهميّة الخروج من الصندوق في عالم الكتابة والإبداع، معربةً عن تقديرها للمبادرة في نسختها العربية والعالميّة، واهتمامها بالذهاب للطفل في موقعه. وأشارت الياقوت إلى مقدرة الأطفال على النقاش والتفاعل من خلال القراءة، وهو ما أظهرته الزيارة الأولى للمبادرة لمدرسة القدس في الأردن من حيث مستوى الأسئلة والحوار، في حين يعاني العالم اليوم من قلّة القراءة والاهتمام بسبب السوشيال ميديا، فهو مبدعون وموهوبون ويبشّرون بشخصيات إبداعيّة في المستقبل.
وقالت الياقوت إنّها توخّت من قصّة «خشّوم» التي كتبتها للطفل في موضوع التجميل، معالجة موضوع التنمّر والتنبيه على خطره الكبير، مؤكّدةً أنّ أدب الطفل هو قطب الرحى في توجيه الطفل وتوعيته، والنفاذ إلى قضايا ومواضيع جديدة وحيوية تهمّه.
ورأت الأديبة والباحثة كاتبة الطفل فاطمة شعبان أنّ من الضروري الاهتمام
بالأعمال الهادفة للطفل وإنتاج أعمال كرتونيّة وأناشيد توعويّة إبداعيّة،
ملقيةً الضوء على عملها في ذلك، كصاحبة دار نشر للأطفال، ومهتمة بإيصال
الرسائل لكلّ أطفال العالم، من واقع تطبيق إلكتروني ومجلة إلكترونية أيضًا،
تسمح للجميع بالاطلاع، خاصةً بعد التواصل الواضح في ذلك، وقالت شعبان إنّ من
مشاكل أدب الطفل عدم وجود أعمال أدبيّة تتحدث عن خصوصيّتنا ومنازلنا وقرانا
ومدارسنا ومرحلة الكتاتيب مثلًا وأعمالنا، وهو ما دفعها إلى أن تتوجّه لتثقيف
الطفل في مواضيع عديدة، منها موضوع البحر واللؤلؤ وما حمله الأجداد من
متاعب في سبيل ذلك، إضافةً إلى مسرحيات قدّمتها للأطفال بأداء بسيط على نطاق ضيّق.
واهتمت الكاتبة شعبان بإيصال الرسائل الفكرية والثقافية للطفل واليافعين،
ولذلك حصلت على رسالة الماجستير في إعلام الطفل حول إعلام ديزني وأثره على
ثقافة الطفل العربي والمسلم. ورأت أنّ المبادرة أكّدت حضور الطفل وجعلته
صديقًا بالفعل للمكتبة والكتاب، من خلال إيصال وتقديم ثقافتنا إلى خارج
الوطن العربي أيضًا كطموح مستقبلي، وهو ما تسعى له المبادرة وفق أسلوب منظّم
وفاعل.
من جهته، قال الكاتب المسرحي والشاعر والإعلامي علاء الجابر إنّ من أسباب
نجاح المبادرة العمل التطوعي الذي تقوم به ويقتنع به فريق المبادرة، من
خلال جهود إداريّة مؤثّرة لرئيسة المبادرة الكاتبة أمل الرندي. ورأى الجابر
أنّ كتّاب أدب الطفل مظلومون ونادرون، في حين تهتم بهم الدول المتقدّمة
وتوليهم العناية التي يستحقّون.
وقدّم الجابر شهادة على فكرة المبادرة وإيمان الكاتبة الرندي بنجاحها نحو
إعطاء الأمل للطفل من خلال الأدب والفنّ، مؤكّدًا أنّ جانب الإيثار والعمل بروح
الفريق الواحد سبب مهم من أسباب نجاح المبادرة. وقال إنّ تقديم الخبرة
للأطفال هو واجب أخلاقي، خاصةً أمام العالم الافتراضي الرقمي والانصراف عن
عملية القراءة والصداقة مع المكتبة، معربًا عن احترامه لوجود أطفال يقرأون
ويناقشون ويفهمون محتويات الكتاب. وأكّد الجابر ضرورة توفّر الدعم المادي
أيضًا إلى جانب الدعم المعنوي في هذا المجال.
وقال كاتب الطفل الشاعر محمد جمال عمرو مدير تحرير مجلة وسام الصادرة عن
وزارة الثقافة، إنّ للإعلام الثقافي دورًا مهمًّا في إيصال رسالة الأدباء
والفنانين والكتّاب، خاصةً في موضوع مهم مثل موضوع أدب الطفل، مضيفًا أنّ
الحديث عن مبادرة أصدقاء المكتبة يقودنا للحديث عن مبادرات الثقافة الموجهة
للطفل عربيًّا، لافتًا إلى جهود مبعثرة أو ضعيفة، في حين انطلقت مبادرة أصدقاء
المكتبة من قوّة الفكرة والإدارة الجيدة والوعي بالرسالة. كما قدّم عمرو
شهادةً على عمل المبادرة في الكويت والأردن والأثر الكبير الذي تركته هذه
المبادرة في فئتها المستهدفة. وقال إنّ مجرّد التفاعل لإحدى مدارس عمان
الشرقيّة في الأردن مع المبادرة إنّما يدلّ على جدية المبادرة وحسن التنظيم
وتصوّر النتائج ضمن فريق تطوّعي يعمل بثقة وهدف وتكامل.
وتنطلق المبادرة اليوم إلى مخيّم الأزرق والالتقاء بأطفال المخيّم، لتواصل
نشاطاتها الثقافية والإبداعية في عمان وعدد من المحافظات حتى الخميس من هذا
الأسبوع.