(وقت القراءة: 1 دقيقة)

عزيزي رمضان،

طبت وطاب ذكرك، وزخر بالخير بحرك. فعليك من المنّان السلام والإكرام.

 

لا، لا، لا! لا لبسَ في الموضوع. لم أكتب هذه الرسالة إلى شخص يدعى رمضان، بل كتبتها أنا إليك يا شهر رمضان. وإذا كنا منهيين عن سب الدهر، إلا يعني هذا أيضا أنه يجوز لنا الثناء عليه خاصة حينما يكون مباركا مثلك؟

 

لنا عيدان، وكم تمنيت أن يُعد قدومك عيدا ثالثا. أنت لنا عيد ومائدة وفائدة تتنزل من السماء، وتتجلى بالسناء. وحين أقول "مائدة" فإني حتما أعني بذلك تعبيرا مجازيا، ولم أتأثر بإحدى الفضائيات التي تكرر في أحد إعلاناتها عبارة "لرمضان، شهر الولائم". رغم أن الصائم في الدول العربية هذا العام يصوم 14-15 ساعة تقريبا، وتبقى له 9-10 ساعات، إذا حذفنا منها ساعتين أو ثلاث قد يتخللها النوم والراحة، فإن هذا يبقي لنا 6 ساعات تقريبا، يحشو فيها العربي بطنه حشوا بوجبتين أو ثلاث. وعلى اعتبار أن معدل هضم الوجبة العادية يكون قرابة 4 ساعات، أما الوجبات الدسمة فإنها تستغرق 6-7 ساعات، فهذا يعني أن الصائم العربي تمكن ولله الحمد من استغلال معدته الاستغلال الأمثل، ووصل إلى آلية تمكنه من تشغيلها على مدار ساعات الفطر دون كلل أو ملل أو راحة. وهذا إنجاز يدل على حرص المواطن العربي على الإنتاجية خاصة في رمضان، وعلى الحفاظ على الموارد. وتكون أنت بذلك يا شهر رمضان شهرا تربية النفوس، وتربية الكروش. ويمكن أيضا ملاحظة هذا بنتوء ملحوظ يظهر على سطح هلال العيد، فهذا النتوء ما هو إلا كرش نبت للهلال، وهذا إن دل فإنما يدل على أن علمنا وإنجازاتنا شقت أجواز الفضاء، وصدرناها إلى أمم الأرض والسماء.  سامحني، سامحني يا رمضان، فقد خرجت عن غرض الرسالة.

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

عزيزي إبليس،

لعائن الله عليك وبعد،

أعلم جيدا أن رسالتي هذه ستصلك، فأنت وقبيلك تروننا من حيث لا نراكم. وإني أكتب لك هذه الرسالة لأعتذر عن ظني السيئ، و{إن بعض الظن إثم} حتى مع إبليس! فقد وسوستْ لي نفسي أن بعض الأشقياء من بني البشر هم من يوسوس لك ويعلمك الشر، خاصة وأن أحد الشعراء قال ذات يوم:

وكنت امرأً من جند إبليس فارتقى *** بي الحال حتى صار إبليس من جندي

إذ لم أتصور أن كائنات غير مشهور عنها الإبداع أو الحذق يمكنها أن تولد هذه الشرور، فظننت أنهم استهووك لا العكس! وبعد التمحيص تبين لي أن هذا الظن فاسد وأن حقوق الملكية الفكرية محفوظة لك، وأن الجن -الذين لا لم يدلهم على موت سليمان عليه السلام إلا منسأته، والذين ظنوا {أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا}-- قد طوروا أنفسهم أسرع مما عمّر منكوبو القنبلة الذرية في اليابان بلادهم. و ها أنا أراك ونسلك تسحبون بساط المكر من الثعالب واليهود! لذا أعتذر، وأعترف بأن نسلك يا إبليس تمكن وبجدارة من احتناك بعضٍ نافذٍ ذرية أبي آدم.

 

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

بعيدا عن العداء المستحكم بين الحوّائيات والديوانية وشعور الغيرة وربما الغبن في بعض الحالات، فإني أعلن دون مضض أني أغبط الرجال على الديوانيات، وآمل في يوم أن نجد كنساء صيغة ما ليكون لنا تجمع يسمو عن النميمة وأكل "اللحوم الطازجة"!

صحيح أن نسبة ما من الديوانيات هي مجرد مكان للهو الحديث وارتكاب جريمة قتل الوقت أو تضييع أمانته، لكن نسبة (أعقد الأمل والدعاء أن تكون النسبة الأكبر) هي مصانع، مصانع للرجال، ومصانع لتكوين الفكر، وصياغة الرأي السياسي والاجتماعي، وتكوين العلاقات، وتنمية المقدرة على النقاش، والتناصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن بين هذا كله، هي مراكز لـ"تشارك المعرفة الضمنية"  Tacit Knowledge Sharing وهو مفهوم حديث نسبيا في مجال علوم المعلومات.

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

 

تحذير:
هذه المقالة للذين لا يحبون القراءة!

أفهم وأقدر ما تمرون به أيها الصبيان والصبايا، والفتيان والفتيات. أفهم وأقدر وأعرف أن عزوفكم عن القراءة ليس نتيجة أنكم "جيل آخر زمن"، وليس لأنه لا نفع منكم. أعلمُ جيدا أنه لا تثريب عليكم، لا تثريب. وكيف نلومكم ونحن نصافحكم بيد ونصفعكم بالأخرى؟ نعلّمكم بيد أن القراءة مهمة وأن الشعوب المتحضرة تقرأ، وأن عليكم أن تقرؤوا وإلا فأنتم السبب في تخلفنا وضياعنا. ثم، وباليد ذاتها، ننسج  لكم علاقة لاشعورية سلبية ومنفّرة مع الكتاب حين نجعله وسيلة تعذيبكم؛ فمن خلال الكتاب نمارس الساديّة التعليمية عليكم ونجبركم على الحفظ "عن ظهر قلب"، (أو بمعنى أدق "عن ظهر عقل" فلا داعي لإعمال عقولكم!) فكل ما يهمنا من عقولكم هو مراكز الذاكرة، أما ما عدا ذلك، فيمكنكم استغلالها وتجييرها لأي شيء مثل الـ"پليه ستيشن"، أو في التسكع وإجالة النظر في المارة، أو أي نشاط غير ذي فائدة لأنها لا تعنينا البتة.

 

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

لا أعرف من الذي اخترع واخترق واختلق فكرة أنّ النساء لا يبحن بأعمارهن، إذ أراه مخطئا حدَّ الفداحة. وكي أعبر عن ذلك عمليا، فإني لا أخجل ولا أتوجّل أن أعلن أنه في هذا الخميس، الخامس والعشرين من فبراير 2010 أبلغ التاسعة والعشرين، وبهذا يفصلني عن الكهولة عام واحد، فالكهل في العربية –صدقوا أو لا تصدقوا- هو من كان بين الثلاثين (أو الثالثة والثلاثين في بعض المعاجم) والخمسين.

اليوم أيضا يفصلني عام عن ما يسميه المجتمع بالـ"عنوسة"، ورغم ذلك لا أجد أية غضاضة في التصريح بعمري. ف ماذا حدث حين صرت على مشارف الجسر المؤدي إلى الثلاثين؟ هل سأموت قبل أجلي؟ هل نقص من رزقي شيء؟ هل حدث لي شيء غير الذي كتبه الله لي؟ أبدا، فلم التهويل والإفراط في التخوف من التقدم في العمر؟

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

يُقال في الأمثال "لا فائدة من البكاء على اللبن المهراق"، لكن حينما تقدّر هذه الألبان بـ 24 ألف لتر يوميا، وحين يسكب في الفيافي والمجاري، فإن الأمر يستحق البكاء فعلا؛ فـ"لمثل هذا يذوب القلب من كمدٍ *** إن كان في القلب إسلام وإيمانُ" كما يقول الشاعر.

المشهد يخلع القلب، ويذكرك –جزئيا- بمهرجانات الطماطم التي تقيمها بعض الدول التي تُعدم النعمة بالعبث بها خوفا على الأسعار من الهبوط نظرا لوفرة المعروض. لكن الكارثة عندنا أعقد وأكبر، فما يحدث يحدث اضطرارا لا اختيارا، لكن المحصلة النهائية أن النعمة تهدر ولا يُتبرّع بها.
ولا أريد هنا تضييع الوقت في لوم المنتجين أو الحكومة، بل ألوم وأرثي الحراك التطوعي البطيء أو المعدوم لدينا. هل رأيتم كارثة جدة؟ هل رأيتم كيف تكاتف الشباب ورسموا صورة راقية لمكافحة الكوارث؟ أين شبابنا الذين يتبرمون من عدم وجود آفاق لتمضية الوقت؟ هذا الشباب المهدر، والوقت المسكوب، والطاقة المتبددة هي التي تستطيع أن تُبَلْسم كارثة الحليب لأنها مثلها ذاقت طعم الهدر المر. المشكلة هي عدم وجود جهة تطوعية تقتنص الفرص –وما أكثر الفرص- وترسل الشباب ليثبتوا أنفسهم، فما تزال الجهات التطوعية الشبابية لدينا لا تخرج عن نطاق تقديم دورات للشباب أو توظيفهم في وقت الفراغ، أما المصائب والتحديات التي من شأنها صقل قدراتهم وتفجير مقدرتهم على التفكير والتخطيط وحل المشاكل، فمغيّبة تماما. وأنا على ثقة من أننا لو أوكلنا المشكلة لشبابنا، لوجدنا العجب العجاب من مقدرتهم على ابتكار حلول غير مكلفة، لاجتياز هذه العقبة.

وأنا هنا أعتب -عتب المحبين- على اللجان الخيرية أيضا. أوليس هناك محتاجون يتمنون قطيرات من الحليب في الكويت وخارجها؟ ألا يكون درء هدر النعمة من مصارف الصدقات (ولن أقول الزكاة)؟ أيعقل ألا تقوم اللجان بخطوة ما نحو تعقيم الحليب وتوزيعه خاصة وأن كثيرين من المنتجين قد أبدوا استعداهم للتبرع به؟ ولو فتحت اللجان باب التبرع لبناء منشأة لتعقيم الحليب وتعبئته وتوزيعه على المحتاجين، فأنا على يقين بأن الجميع سيتزاحمون للتبرع لها. وإلى أن يحدث هذا، لا أجد لي حلا سوى الكتابة، وسوى الوقوف والبكاء على اللبن المهراق، لعل وعسى ألاّ نهلك، لعل وعسى أن لا نَعْدَم النعمة غدا، لأننا أعدَمناها اليوم.

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

طوال يفاعتي كنت أسمع الجيل الأكبر يكيل الركلات الكلامية لجيلنا (مواليد الثمانينيّات) المتهم بالكسل والبلادة، الجيل الذي نما في حِجر الألعاب الإلكترونية، وغُذِّي بالأكل غير الصحي، وقرأ قشور الكتب، وجُرّبت عليه –من وجهة نظرهم- وسائل تعليمية عقيمة، ذلك الجيل المشدوه بالتلفاز والمشدود بأشرطة الفيديو، ذلك الجيل الذي رزح بين الفُتات الذي تقدمه "المناهل" و"افتح يا سمسم" ولم تتح له فرصة مصافحة أمهات الكتب، ذلك الجيل الذي خرج من رحم السرعة خديجا وتمكن –رغم كل ما سبق- أن يجاري التغيير بل أن يصنعه بسرعة أسرع من طائرات الـ"كونكورد".

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

حديثي قد يزعج المتفلتين و"المتڤلنتين" (نسبة إلى ڤالنتاين)، وقد يؤجج  بعض -أو كثيرا من- الآخرين، وسيزعج طبعا أساطين المتاجرة بالزهور ومَحَادلهم* التجارية. لكني ومن جانب آخر متأكدة أنه يعجب الحق والعدل والعقل، ويعجب النحل، والأهم من ذلك، يعجب الزهور نفسها!

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

كلا، أجلكم الله وأكرمكم. الأمر لا علاقة له بحذاء "سندريلا" الزجاجي الذي يشي بسخافة قصتها؛ إذ يعود كل شيء إلى طبيعته بعد منتصف الليل إلا هو. وأؤكد لكم أيضا أن الأمر لا صلة له أبدا لا بـ"خفيّ حُنَيْن"، ولا بـ"حذاء الطَنْبُورِي"، ولا بالخفين الرثين الذين ذكّرا الفتيات بهدايا العيد في رواية "نساء صغيرات"، ولا بالأحذية الحديدية التي كانت فتيات الصين يحشرن أقدامهن فيها كي تظل صغيرة.

إذا بلغ منكم الفضول مبلغه، شاهدوا هذا المقطع المصوّر:

(وقت القراءة: 1 دقيقة)


• "ناسا"، وناس:
في حين تنفق وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" مئات الآلاف من الساعات، ومليارات الدولارات للتنقيب في فضاء الكون الفسيح والتنقل بين المسارات والمدارات الفلكية، أبصرت "ناسًا" من بني قومي يدورون في مسارات الجهل؛ فيتبركون بالكوكب الفلاني، ويتدارسون أثر الفلك الفلاني على شخصيات وطبائع البشر. وإذا كنتم تعتقدون أن كلامي مبالغة وتدبيج، اسألوا أصحاب المكتبات عن أكثر الكتب المتهافت عليها في مطلع العام الجديد، وسيشي لكم جوابهم الموحد بالكثير.


أخذت إحدى الزميلات ذات مرة توسوس في أذني عن صفات برجي وقد حرصتْ على التأكيد لى أن لا علاقة للأبراج بالمستقبل، فمعرفة هذا بيد الله وحده، بل فائدتها تمكن في الكشف عن شخصيات وطباع مواليد البرج. بيد أني استعصمت واستمسكت، وأحلتها إلى مقالة سابقة لي في هذا الموضوع. لكن مع تواتر القصف، كان لا بد من لين يصيب النفس. اليوم، صرت أعلم أني ظلمت الكثيرين حين لُمتهم على إيمانهم بالأبراج، فقصف من زميلة ألان قلبي وأوقعني ضحية وإن كان لزمن يسير، فما بالك بمن تقصف عليهم وسائل الإعلام ودوائر المجتمع بالخزعبلات ليل نهار. هاؤم اقرؤوا تفاصيل القصة في السطور التالية.

 

(وقت القراءة: 1 دقيقة)
كلا أعزائي، لم تصبني عدوى التنعيم والتليين التي تجتاح نطق كثير من المذيعات العربيات اللائي يهوين تشويه الأحرف. ولم أحول عبارة "شهر رمضان المعظم" إلى "شهر رمدان المعزم"، بل أنا أعني العبارة كما هي! اقرؤوا لتعرفوا ما أعني، ولكن أحذّركم، فالسطور الآتية تثقل القلب بالألم.